لا شيء ينبض في المدينة
عروق الدم في وجه الطريق
الأحبار الباهتة على ورق الشجر
الشجر المشنوق إلى السماء
السماء المحمومة بالليل
الليل المستتر خلف عيون بيضاء
العيون المدلاة من رؤوس التماثيل
التماثيل المتعرقة في الميادين
الميادين المتسعة للعزاء
العزاء مقصور على الموتى
الموتى العالقين في أغصان الشجر
الشجر.. الأرض.. السماء
حبيبات عرق تغرق المدينة
.. .. ..
النبض متوقف
الطبيعة المصطنعة تفشل في إنعاشه
بطون الأقدام المتورمة لا تُحدث صوتًا
الأرض لا تشعر بالدبيب فوق ظهرها العاري
البثور المنثورة على جلدها لا تنبت الأزهار
المرصد الوحيد في المدينة لا يقرأ شيئًا
لا تكهنات.. لا تحذيرات
لا تفاصيل للراصد يزف بها بشرى لأبناء العرق
بقايا الملح تبرق في الشعاع الحارق
والقياسات تفشل مجددًا في التقاط النبض
.. .. .. .. ..
أرقب الطريق جيدًا
أستعير أذنًا ميتة
أتحسس صوت نسمة شاردة
نبض بارد أحتمي به
تسيل شحمة أذني
أصابني خرس
واحْترَقتْ
.. .. .. ..
كم تقسو الطبيعة في غضبها
قرباني الذي أذبحه بلا رأس
ذاك الذبيح الحي لم يرقق قلبها
أسكنتني النار وأطعمتني الزقوم
أبدلَتْ فصولي صيفًا قائظًا
وأسلمتني إلى عذاب الجحيم
.. .. .. ..
أتمرغ في تراب النار
أتجرع شرابًا من نار
أتضرع لأرتجف
أرجو عذابًا بلسعات البرد
لئن أبصرتُ سحابة
سأصلي على بلاطة النار
وأستمطر جوف السماء
لن أحمل مظلة
سأسبح في الطين
وأعيش غريقًا
.. .. ..
لئن خلّدني العذاب إلى شتاء بعيد
قدمت له عريضة بخطايا هذا الصيف
وصورة ضوئية من عتمة النهار
وعينة من جلدي النافق
وقارورة من عرقي المدمم
ومقطعًا من صوتي المبحوح
سأطلب منه أن يحكم على هذا الفصل
لن أرفع شعار العدالة في محاكمته
ذلك الصيف الجائر
الذي سجنني في العراء
ومنعني من الزيارة
وأصوات العصافير.