عبد السلام فاروق : فى كتابه من الدولة الى الفوضى يحذر من تداعيات فشل إرادة العيش المشترك فى الدول العربية
في كتابه ” العرب .. من الدولة إلي الفوضي ” الصادر عن دار الحضارة العربية للدراسات بالقاهرة ، يقدم الكاتب الصحفي عبد السلام فاروق مدير تحرير جريدة الأهرام المسائي ،رؤية فكرية وسياسية حول تداعيات فشل الربيع العربي ونتائجه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي ترتبت علي ذلك، مفندا الآراء والنظريات السائدة عن جدوي بقاء جامعة الدول العربية ، وعملية تزوير التاريخ المصري والعربي من شامبليون إلي فلايكوفسكي ،إضافة إلي العديد من موضوعات الساعة الشائكة .
ويقول فاروق إنه قبل أكثر من أربعة عقود مضت، كان لدينا شبه مشروع للتنوير الثقافي، كان سيثمر لو ترك في حال سبيله دون إيقاف، فقد كان المجتمع في ذلك الزمن تنمو أغصانه وفروعه نحو كل اتجاه في مكونات الثقافة المجتمعية، ولكنه تعرض للتخريب لصالح مشروع فكري أخر، أنتج مجتمعا مختلفا في طباعه وقيمه، مرتبكا في تقديراته للحياة، متشنجا في بعض ممارساته.
وهذا يرجع – بحسب المؤلف- إلي أن الفكرة الوحيدة التي نجحت نجاحا سلبيا في المجتمع، خلال العقود الماضية، هي مشروع سمي بـ“الصحوة الإسلامية“، حيث بدل هذا المشروع كل قيم المجتمع، نحو قيم مرتبكة في ترتيبها وأولوياتها،لأنها كانت مشروعا يعمل فقط في مربع محدد من الثقافة المجتمعية. هذا المربع يمكن تسميته “مربع التشدد” حتى أصبح الفرد في المجتمع غير قادر على تمييز الكثير من المسارات الصحيحة والخاطئة، وقد عاش المجتمع كله ورغما عنه في مربع الصحوة فقط، ولم يكن لديه الكثير من الفرص لتجربة المربعات الأخرى في الثقافة العالمية.
ويضيف عبد السلام فاروق واقع الحال أن مرحلة السبعينيات من القرن الماضي، أفرزت مشروعا مشوها جعل الفرد أمام متناقضات فكرية كبرى، الأمر الذي يدفعنا إلي أن نتساءل عما جنته فكرة دينية (كالصحوة) من جعل المجتمع العربي أكثر تشددا في ممارساته الدينية؟
لم يكن أحد ليفكر بذلك ، لأن التخمة في هذا النوع من الفكر تشبه الكثير من الأمثلة في واقعنا المعاصر، ولكن للتبسيط يمكننا فهم هذه الفلسفة من خلال هذا السؤال الذي يقول: ما الذي يمكن أن يستفيده مجتمع لديه زيادة في الكليات النظرية تضخ أعدادا من الخريجين أكثر من المطلوب? .
من هنا يعتقد الكاتب الصحفي عبد السلام فاروق أن الأزمة الحقيقية التي يعاني منها مجتمعنا، فضلا عن فشل مشروع التنوير، هي في ضعف إرادة العيش المشترك. فالجميع يتحدث عن التعايش، ولكن القليل من لديه الاستعداد النفسي والاجتماعي لإرادة العيش المشترك. فالتعايش كحقيقة مجتمعية، لا تبنى بالدعوة المجردة إليها، وإنما بتوفير الاستعداد التام لإرادة العيش بين الفرقاء جميعاً في سياق وطني شامل يتجاوز كل العراقيل والموانع. فإذا لم يسع الجميع لأجل توفير إرادة العيش المشترك، سوف ينجر العرب إلي فوضي عارمة ربما تدوم طويلا .