كتب – د. خالد البغدادى
يعد صالون الأوبرا الثقافي هو الصالون الأهم والأكبر فى مصر والشرق الأوسط لكبار المفكرين والمبدعين ، لما يمثله من قيمة ثقافية وفنية مضافة للمشهد الثقافي ، ويستمد الصالون قوته من النوعية الخاصة والمتميزة لضيوفه الذي يتم اختيارهم بدقة وعناية فائقة من القامات الفكرية التى لها تاريخ ابداعي طويل وتأثير كبير، كما يستمد قوته من المؤسسة الثقافية الرسمية التى تنظمه ، دار الأوبرا المصرية التى تعد بحد ذاتها حالة نوعية متفردة فى الحياة الثقافية المصرية والعربية. وهنا لابد من أن نشيد بحجم المجهود الضخم الذي يقوم به الجميع في هذا الصرح الثقافي الكبير من أجل تنشيط الحالة الثقافية حتى تستعيد مصر زخم قوتها الناعمة. وفى مقدمتهم الفنان أمين الصرفى الذى يحرص على استمرار الصالون ومتابعة كل التفاصيل رغم ظروفه الصحية ، ونتمنى له جميعا الشفاء .
وفى هذا السياق جاء ( صالون الأوبرا الثقافي) الذى عقد مؤخرا حيث استضاف شيخ المعماريين عصام صفى الدين وأدار اللقاء الناقد الفني الدكتور خالد البغدادي فى امسية فنية وثقافية رائعة شهدها الكثير من المثقفين والمبدعين من مختلف المجالات، حيث استعرض السيرة والمسيرة الطويلة للمعماري عصام صفى الدين الذى يحمل لقب ( المعماري المعلم) وهو لقب نوعى هام لا يحصل عليه الا شخصية خاصة جدا فى المجال .
وقد أشاد الدكتور خالد البغدادى بالبعد التربوي والانساني له حيث أكد على أنه في لحظات تاريخية وانسانية معينة يصبح شخص معين فى حد ذاته فكرة لما يمثله من قيمة نوعية مضافة ، حيث يمثل المعماري عصام صفى الدين حالة من العطاء الانساني بلا حدود – عطاء علمي وفني وفكري .. الخ – مما جعله حالة خاصة فى مجال فن العمارة المصرية التي تمثل ذاكرة للإنسان والمكان ، وجعل له العديد من التلاميذ والمحبين.
العمارة المصرية
وقد ناقش الصالون المحاولات الجادة لبناء وتأسيس ( مدرسة مصرية للعمارة) فى الخمسينات والستينات من القرن العشرين على يد المعماري حسن فتحي ورمسيس ويصا واصف ، وكانت قرية ( القرنة) التي صممها وبناها حسن فتحى في البر الغربي لمدينة الأقصر هى البداية الحقيقية لهذه المحاولة ، حيث كانت هى النموذج الذى يحتذى ويمكن القياس علية في بناء عمارة مصرية صديقة للبيئة ، تعتمد فى بناءها على الخامات البسيطة الموجودة فى البيئة ويدخلها الشمس والهواء وتتوافر بها كل الاشتراطات الصحية .
وهى نفس الفكرة التي أخذتها الأمم المتحدة يعد ذلك وطبقتها فى العديد من الدول فى افريقيا وأمريكا اللاتينية تحت عنوان ( عمارة الفقراء) والتى ساهمت في بناء العديد من المنازل الآمنة للناس البسطاء من خلال خامات بيئية بسيطة سهلة ومتوفرة ، كما تم مناقشة العديد من المفردات والمصطلحات الفنية التى أنتجتها الثقافة المصرية والفرق بينها وبين المصطلحات الاوربية المترجمة مثل الفرق بين مفهوم ( الهندسة والمهندس) الذى يعد ترجمة لمصطلح غربي مقابل مفهوم ( العمارة والمعماري) الأكثر حميمية وزخم ويشير لفكرة التعمير والبناء ، وأيضا مناقشة الفرق بين مفهوم ( الجدار) الذى يوحى بالعزل والبرود مقابل مصطلح ( الحائط) الذى أنتجته الثقافة الشعبية المصرية فالحائط يحوطك – و يتحوطك- ليحميك ويشعرك بالأمان .
محاور الصالون
كما تم مناقشة العديد من المحاور التي ساهمت بناء التاريخ الطويل للمعماري عصام صفى الدين ، كان أولها محور المتاحف والمؤسسات التي ساهمت فى بتأسيسها بشكل أو بآخر ، منها متحف النوبة الذى أقيم في أسوان ، وأيضا ( بيت المعماري المصري) الذى كان فكرته وتأسيسه ، ومتحف ( الفنون الشعبية) الذى يعد آخر متحف ساهم فى بناءه وأنشاءه فى عام 2022 ، بالإضافة الى العديد من المتاحف مثل متحف الطفل / ومتحف دار الأوبرا … وغيرها من المتاحف . كما قد ساهم فى تأسيس جهاز التنسيق الحضاري الذى كان فكرته بالأساس وقدمه لوزير الثقافة فاروق حسنى وحمل وقتها اسم ( مركز دراسات الإنجاز الحضاري)
وناقش الصالون محور الشخصيات الهامة التي أثرت فى البناء الفكرى والانساني للمعمارى عصام صفى الدين ، فعندما يتجاور الإنسان مع الكبار فأنه بالضرورة يكبر بهم ومعهم ، وخصوصا عندما تكون شخصيات نوعية هامة ومتميزة ، ولعل من اهمها شخصية مثل المفكر الكبير جمال حمدان الذى تبادل معه الكثير من الرؤى والأفكار وجمعت بينهم العديد من المراسلات،
وشيخ المعمارين حسن فتحي صاحب فكر والرؤية المتميزة في مجال العمارة ، والمعمارى المفكر رمسيس ويصا واصف ، والكاتبة والمفكرة الكبيرة نعمات أحمد فؤاد ، والوزير الفنان فاروق حسنى الذى آمن بالعديد من أفكار المعماري عصام صفى الدين وساعد على تنفيذها . وغيرهم من الشخصيات الهامة التي أثرت في حياته منها الكاتب يحيى حقي والمعماري سيد كريم / والدكتور صفوت كمال / وثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق… وآخرون. ثم شارك في الحوار العديد من الضيوف من الشخصيات النوعية فى المجال منهم الدكتور سهير حواس أستاذ العمارة في جامعة القاهرة ، والخبير المعماري ابراهيم المدني والدكتورة ندى زين الدين والأديبة نجلاء أحمد حسن.