كتب ـ مجدى بكرى:
بمشاركة الشاعر المصري شريف الشافعي، صدرت في مطلع 2018 للشاعر الإيطالي جوسيب نابوليتانو أنطولوجيا شعرية عالمية بعنوان “غرفة الشاعر”، عن دار نشر “إديزيوني إيفا” في إيطاليا (EDIZIONI EVA).
تحمل الأنطولوجيا شعارًا هو “حوار الشعراء والقرّاء حول العالم”، وتتضمن مختارات من دواوين حديثة صادرة لشعراء من دول عدة، ترجمها نابوليتانو إلى الإيطالية عن لغاتها الأصلية، أو نقلًا عن لغات أوروبية وسيطة.
إلى جانب المشاركة العربية المتمثلة في قصائد شريف الشافعي، تضم الأنطولوجيا نماذج من أعمال الشعراء: ريتشارد بيرينجارتن (بريطانيا)، دانيال ليورز، جورج درانو، نيكول درانو ستامبرج (فرنسا)، أدريانا هويوس (إسبانيا)، آنا روستوكينا (روسيا)، إيلير زاجمي، ندو أوكاج (كوسوفو)، كوي شين لي، هسيو تشن (تايوان)، ريكاردو روبيو (الأرجنتين)، شيب إيميرلاهو (مقدونيا)، ساباهودين هادزياليتش (البوسنة).
اختيرت قصائد شريف الشافعي (46 عامًا) في الأنطولوجيا العالمية من ديوانه “هواء جدير بالقراءة”، الذي صدرت طبعته الأولى في يونيو 2014 عن دار “لارماتان” العريقة في باريس ( HYPERLINK “https://www.facebook.com/pages/LHarmattan/228146594012395?ref=br_rs” L’Harmattan)، باللغتين العربية والفرنسية، في أربع وثمانين صفحة من القطع المتوسط، بترجمة الشاعرة المصرية، المقيمة في كندا، منى لطيف.
استغرقت قصائد “هواء جدير بالقراءة” (UN VENT DIGNE D’ÊTRE LU)، عشر صفحات من الأنطولوجيا الإيطالية، وتجسد التجربة بحث الشاعر عن موضع أرضي، أو فضائي، يصلح لقدم، بل وعن قدم تصلح للوصول إلى موضع دون أن يبددها الفقد، حيث تشابكت ألغاز الحياة وغدت لعبة غير مقبولة، وتجمدت الآمال كسحابات معلقة، لم تمطر منذ زمن.
وينشغل التعبير الشعري في النص بمحاولة أن تكون اللغة هي ذاتها “ماهية” ما تقوله، وليست رصدًا أو وصفًا لما تتناوله الكلمات. وهنا، تتعرى لغة قصيدة النثر من صور الزينة، بما فيها الإيقاع الظاهري، وحليّ المجاز، مستندة إلى الاختزال الشديد، والتجريد، والشعرية الخام، والتصالح التام مع الذات، لتفصح عن الحالة البريئة الطازجة (كما هي)، وليس بالحكي عنها.
يُذكر أن الشاعر الإيطالي جوسيب نابوليتانو، من مواليد العام 1949، وقد صدرت له مجموعات شعرية عدة، وشارك في مؤتمرات شعرية دولية مختلفة، منها “مهرجان مراكش الدولي للشعر” بالمغرب في 2015.
أما شريف الشافعي، فهو من مواليد مدينة منوف بدلتا مصر في العام 1972، وقد صدرت له ثمانية دواوين، منها: “بينهما يصدأ الوقت” (القاهرة، 1994)، “الألوان ترتعد بشراهة” (القاهرة، 1999)، “الأعمال الكاملة لإنسان آلي1/ البحث عن نيرمانا بأصابع ذكية” (ثلاث طبعات في القاهرة ودمشق وبيروت: 2008، 2009، 2010)، “الأعمال الكاملة لإنسان آلي2/ غازات ضاحكة” (بيروت، 2012)، “كأنه قمري يحاصرني” (بيروت، 2013)، “رسائل يحملها الدخان”، باللغتين: العربية والفرنسية (باريس، 2016، دار لارماتان، ترجمة منى لطيف).
شارك الشافعي في ملتقيات ومهرجانات شعرية دولية عدة، منها: مهرجان “لوديف” الدولي للشعر بفرنسا في 2014، ومهرجان الشعر العالمي في جامعة “بريدج ووتر” بالولايات المتحدة الأمريكية في 2015 و2017، ومهرجان “آسفي” الدولي للشعر بالمغرب في 2013، ومهرجان الشعر العربي في صور بجنوب لبنان في 2016، ومهرجان الجنادرية بالسعودية في 2017، وغيرها.
من قصائد “هواء جدير بالقراءة” للشافعي، نقرأ هذه المقاطع المتفرقة:
قولوا ما تتمنون،
عن البرد/
سأصفه بكلمة واحدة،
ترتجف
* * *
ليست سحابة بيضاء/
هي ضحكة طائرة،
تبحث في الوجوه،
عن مدرجٍ آمنٍ للهبوط
* * *
ثمرة سقطتْ على رأسي/
يا إلهي
ليس في هذا الفضاءِ شجرةٌ/
يا إلهي
هذه ليست ثمرة/
إنه رأسٌ جديدٌ
* * *
على حافة البئر،
أستمعُ لندائي العميق/
وحين تخطر لي فكرةُ النزول،
تخطفني سماءٌ إلى أعلى،
وتصير الفكرةُ سحابةً هشّة
|
* * *
أيها المختبئونَ بداخلي
اكسروا زجاجَ عيوني
واخرجوا،
أنا لستُ كهفا
* * *
لأن الشمسَ جارحتي،
ينزف الجُرْحُ نورًا
* * *
ساعتي الحمقاءُ تدورُ،
رغم أن الوقتَ معكِ/
ساعتي التي كانت معطلةً،
أصْلَحَهَا دَوَرَاني المنتظمُ،
حول المتاعبِ نفسِها
* * *
حين تبدو السماءُ مثل قفصٍ
يتساءلُ الطائرُ الحرُّ
عن معنى الطيران
* * *
مجنونة
من تظنني أعِدُها
أو أعدُ أحدًا بشيء/
أنا راعي الطائرات الورقية،
ولا خيط في يدي..
أنا الطائرات الورقية،
ولا خيط في يد الأرض
* * *
أين تختبئين يا طفلتي؟/
اختبئي في أي مكان،
سأجدكِ/
إلا أن تختبئي في طفولتي
* * *
كانت الأرض تأكل غداءها
وكنتُ جائعًا أكثر،
فأكلتُها/
ثم لم أجد موضعًا
أرقدُ فيه
* * *
كان تمثالاً طيبًا
يضحكُ معي في الصباح
يبكي معي في الليل/
وحينما صرتُ تمثالاً
تصدَّع هو كإنسان
* * *
وسادتي المحشوَّة بالريش
شأنها شأني
لم تعدْ تحلمُ بأن تطيرَ/
نحن ذبحناكَ يا طائر السماء
لكنكَ كنتَ أشدَّ قسوة
من ظنوننا
* * *
أصدِّقُ كل جديدٍ يَحْدُثُ هنا
إلا ما يقوله البشر
وحين رأيتُ سمكةً تعبر الطريقَ
سَمَّيْتُ الحياةَ غرقًا
* * *
قصة حياتي أنا
أنتِ التي تكتبينها/
أطلعيني على الفصل الأخير
كي أتأكدَ أن النهاية مفتوحة