Home بأقلامهم الكاتب الصحفى أحمد البرى يكتب:الحد الفاصل !

الكاتب الصحفى أحمد البرى يكتب:الحد الفاصل !

الكاتب الصحفى أحمد البرى يكتب:الحد الفاصل !
0

الحد الفاصل !

أنا شاب عمرى ثلاثون عاما، ولكن ما تعرضت له خلال السنوات الأربع الأخيرة جعلنى أبدو وكأنى فى سن الستين.. لقد بدأت حكايتى التى أكتب إليك بشأنها منذ سبع سنوات عندما ذهبت للعمل بإحدى دول الخليج، وكنت مثالا يحتذى به فى الأدب والتدين، ولم تفتنى يوما صلاة أو درس دينى فى المسجد، واستمررت على هذه الحال بعد سفرى، وحرصت على الالتزام والاجتهاد فى عملى مما جعل صاحب العمل يرشحنى لوظيفة أعلى بمكان آخر كان يديره بعد أربعة أشهر فقط من التحاقى بالعمل، وخرجت من عملى لديه بصديق توطدت علاقتى به، واستمر التواصل بيننا، وفى عملى الجديد أكملت المنهج نفسه من الاجتهاد والالتزام، حتى جاء يوم سافرت فيه مع صاحب العمل إلى دولة آسيوية لمدة شهر تعرفت خلاله على المترجم المصاحب لنا، وفى آخر يوم من الرحلة أضعت مبادئي، وذهب التزامى أدراج الرياح، إذ زرت مع المترجم مركزا للمساج، وارتكبت الخطيئة التى لم أتخيل يوما أن أرتكبها بعد خمسة وعشرين عاما من الإلتزام.

 

لقد تغيرت حياتى بالكامل منذ تلك اللحظة، وبدلا من أن أتوب إلى الله وأعود إليه عز وجل، عاودت ارتكاب الذنب العظيم نفسه، وتبدّلت حياتى، وزادت أخطائى فى عملى، ونبهنى صاحب العمل مرارا إليها، وتعجّب لفقدى دقتى المعهودة، وذات مرة وقعت فى خطأ فادح، فثار ضدى، وأنهى خدماتى، وحزنت كثيرا لضياع ثقته بى، ودعوت ربى أن يعطينى فرصة أخرى، فأظل بالمكان والوظيفة نفسها، وإذا بابن صاحب العمل يطلب منى البقاء معه، لأنه يثق فى قدراتى، فأقبلت على شغل الموقع الجديد بشغف، واشتريت سيارة جديدة، ولم تنقطع صلتى بصديقى القديم من العمل الأول، وهو كثير التعرف على الفتيات، وفى إحدى مكالماتنا أخبرنى أنه تعرّف على فتاه مصرية عبر الإنترنت، وتسكن فى بلد قريب منى، بينما يسكن هو بعيدا عنا، وأنه اتفق معها على أن تذهب إليه فى نهاية الأسبوع، فعرضت عليه أن آخذها بسيارتي، ونذهب إليه معا، فوافق على ذلك، وظللنا طول اليوم معا بالمراكز التجارية والحدائق، وفى الليل ذهبت إلى صديق لى للمبيت عنده، أما هى فقد أخذها معه إلى بيته، حيث كان من الصعب العودة فى اليوم نفسه لطول المسافة، وفى اليوم التالى عند عودتنا تحدثت معها كثيرا، ولمست فى كلامها الطيبة والسذاجة، وأوصلتها إلى بيتها، وسجلت رقم هاتفها، وبعدها تحدثنا كثيرا، وبصراحة فإننى خشيت أن تتعرض لمكروه على يد صديقى، إذ أعلم عنه تغريره بالفتيات، وفعل ذلك أمامى مع إحداهن، فقررت أن أبعدها عنه، واقتربت منها كثيرا، وخرجنا معا، وجاءتنى فى بيتى، وظللنا على هذه الحال ستة أشهر حتى طلبت منى يوما أن أتزوجها!

 

والحقيقة أننى ترددت فى الإقدام على هذه الخطوة، إذ كيف لى أن أتزوج فتاه تسافر وحدها فى بلد غريب، وتعرّفت عليها عن طريق صديق باتت ليلة فى منزله، وترددت علىّ أنا أيضا فى شقتى دون أى رباط بيننا، ثم اتصلت بصديقى وسألته عنها، فأقسم لى بالله أنه لم يحدث أى شئ بينهما، وأنه لم ير منها ما يسيئ إليها، فطمأننى كلامه بعض الشىء، وأخبرت أهلى برغبتى فى الزواج منها، فحاولوا إقناعى بأنها غير مناسبة لى، ثم استجابوا لى، وتعرّفوا على أهلها، ونصحونى بالتمهل والتفكير جيدا قبل إتمام هذه الزيجة، ولكنى كنت كالمكبل بقيود لا يعرف كيف يفكها؟ ووجدتنى منساقا لهذه الزيجة برغم عدم اقتناعى بها.

 

وفى أثناء فترة الخطبة لم أحرمها من شىء، ووفرت لها كل ما طلبته، حتى وإن لم أكن ملزما به، وبعد الزفاف أقمنا فترة فى مصر، وراعتنا والدتى بارك الله فيها رعاية كاملة، ثم رجعنا مرة أخرى إلى البلد الخليجى الذى أعمل به، وعرفت الخلافات طريقها إلينا سريعا، فلقد وجدت أن شغل زوجتى الشاغل هو الحديث مع أختها وصديقاتها بالساعات عبر الهاتف، وتهمل البيت تماما، وذات يوم جرت بيننا مشادة عنيفة، فرأيت وجهها الآخر.. رأيت وجها قبيحا لامرأة تظهر الأدب، وهى لا تمت له بصلة، وسمعت منها صراخا وصوتا عاليا وألفاظا بذيئة لا تخرج إلا من قليلى التربية وأصحاب السوابق.. نعم هذه هى زوجتى على حقيقتها التى أخفتها منذ معرفتها بى، وتطاولت علىّ بالكلام بأننى ابن أمى، وآخذ أوامرى منها، وقد حاولت تهدئتها مرات عديدة، ولكن ما أن تصفو نفسى منها، فإنها تعيد سيل كلامها اللاذع، ولذلك كرهتها جدا، وفكرت فى الإنفصال عنها، لكنها حملت فى طفلنا الأول، فتحاملت على نفسى، والتحقت بعمل إضافى من باب زيادة الدخل، واستخدمت فيه الإنترنت كثيرا، وأتيحت لى فرصة الحديث مع «بنات ليل»، وكم أرسلت إليهن «رصيدا للهاتف المحمول»، وصورا لى خادشة للحياء، وأقمت علاقات مع الكثيرات منهن عبر الهاتف، وعرفت زوجتى بأمرى، وكدنا ننفصل، فتوقفت عن هذه العلاقات، وهدأت الأمور قليلا، لكنها اتبعت معى «أسلوب الابتزاز» لكى أحضر لها هدايا ثمينة فى جميع المناسبات، وإلا ستفضحنى، بعد أن استطاعت أن تحصل على بعض الصور غير اللائقة التى التقطها لنفسى مع عدد منهن، ولبيت لها كل طلباتها، وتراكمت علىّ الديون، بل إننى سرقت أموالا من عمل لكى أصرف عليها، وأحضر لها ما تريده!

 

وعندما حان موعد ولادة طفلنا الأول، بعثت تأشيرة زيارة لأمها لتكون بجوارها، وبعدها أحضرت أمى فى زيارة مماثلة لكى أطمئن عليها من جهة، وتزور خالى وخالتى وهما بالبلد نفسه من جهة أخرى، ولكن منذ اليوم الأول لزيارتها اختلقت زوجتى مشكلات عديدة معها من لا شىء، بل وسبتها وصرخت فيها، فلم تتحمل أمى هذا التطاول، فتركتنا وانتقلت إلى خالى وخالتى، وبعدها قرأت بالمصادفة رسائل متبادلة بين زوجتى وزوجة شقيقى، تتفقان فيها على إيذاء أمى بلا سبب معلوم، وعادت أمى إلى مصر، وفى قلبها جرح من زوجتى، وفى قلبى أنا أيضا جرح كبير منها لأنى أحب أمى جدا، ولكنى لم أطلقها حرصا على مستقبل إبننا.

 

ومرت الأيام وظللت بالغربة سنتين لم آت فيهما إلى مصر فى أى زيارة، تجنبا للمشكلات مع أسرتى، ثم جئت فى أجازة قصيرة خلال شهر رمضان الماضي، وكانت زوجتى وقتها حاملا فى ابننا الثانى، ولأن امى طيبة القلب، فإنها نسيت إساءة زوجتى، وفى أحد الأيام كانت تعد لنا طعام الإفطار بالكامل دون أن تطلب مساعدتها فى أى شئ، فاستغل شقيقى الفرصة وألمح لى عن موقف زوجتى من أمى، فذهبت إلى حجرتها وانفعلت عليها، فإذا بها تتطاول على أمى من جديد، وهنا قطعت الأجازة، وعدت سريعا إلى البلد العربى، وتحمّلت قلة أدبها وإهمالها لى ولإبنينا، وقررت أن أحضر إلى مصر فى أجازة سريعة لمدة أسبوع فى بداية رمضان الحالي، خصوصا وأنها سبقتنى إليها لأداء امتحان الجامعة التى مازالت تدرس بها، وقد أخذت ذهبها، وأودعته لدى صديقتها بدلا من أن تتركه لدى بالبيت، وفضّلت ألا تنشأ مشكلة جديدة بيننا، فأهملت الأمر ولم أعره أى اهتمام، وتكرر ما حدث العام الماضى فى اليوم الثانى لى بالأجازة، وزاد عليه أنها طلبت منى تغيير قفل باب الشقة الرئيسى فماطلتها لأن هذا معناه التشكيك فى حق أهلى لأن أمى ترعى شقتنا فى أثناء سفرنا من تنظيف وإزالة مياه الأمطار وغيرهما، ولما لم تجد استجابة منى، اتصلت بأبى وطلبت منه تغيير القفل، وغضبت أمى جدا من طلبها، وصعدت إليها لكى تعاتبها، فعلا صوت زوجتى عليها وصرخت فيها، وعندما تدخلت أختي، هددّتها بالضرب، ثم اعتدت عليها فعلا، وكسرت نظارتها.. عند هذا الحد لم أتمالك نفسى وضربتها، ففتحت البلكونة، وظلت تصرخ كالمجنونة وهى بملابس النوم، فاتصلت بأهلها، وتجمّع الجيران، ثم ذهبت إلى قسم الشرطة وحررت بلاغا فى أختى وأخى وأمى برغم أنها المعتدية عليهم، فهى «شيطانة» تستطيع قلب الحقائق بصورة مذهلة، وتظهر نفسها دائما بأنها مظلومة، وقد حضر أهلها لبحث الموقف، مع العلم بأن شقيقيها ليسا متعلمين، ويظهر من هيئتيهما أنهما كالبلطجية، فخفت على أهلى من أن يصيبهم أذى على أيديهما، وقد حاول خالهم التدخل حيث إن والدهم متوفى، ووجدته رجلا محترما، وتم حل المشكلة وتنازلت عن البلاغ المقدم، وسافرنا فى اليوم التالى مباشرة، ولا أدرى ماذا افعل؟.. هل أطلقها وأرتاح منها، أم أظل فى البلد الغريب بعيدا عن أهلى، وأتحمّل أذاها من أجل ابنىّ، فهما متعلقان بي، وأنا أيضا متعلق بهما، ولكنى احترق من داخلى كلما رأيت وجهها أمامي، فالحقيقة أننى لم أعد أطيقها، وأتعذب بوجودها معى على هذه الحال، ولا أبالغ إذا قلت لك أننى وصلت إلى الحد الفاصل الذى يحول دون استمرارنا معا، ولا أدرى ماذا أفعل، وانتظر منك النصيحة، فبماذا تشير علىّ؟.

 

ولكاتب هذه الرسالة أقول:

 

عن أى حد فاصل تتحدث، وقد أسست حياتك على العشوائية فى كل شىء، من طريقة التفكير، والسلوكيات، إلى الإنجراف فى تيار السوء، ولم تتوقف عند أفعالك الخاطئة، وأفدحها الزواج بفتاة على علاقة بصديقك عن طريق «الإنترنت»، وباتت معه ليلة حتى الصباح؟، ثم أين أهلها، وكيف سمحوا لها بالمبيت خارج المنزل؟.. إنها ربما تكون قد كذبت عليهم بإدعائها أنها ستبيت عند صديقة لها مثلا، ومن تسلك هذا السلوك من الممكن أن تفعل أى شىء آخر، ولم يكن هذا التصرف مصادفة، بل إنها دأبت عليه بدليل ترددها عليك فى بيتك، وطلبها منك أن تتزوجها، وأنت تعلم سلوكها «المعوج»، ومع ذلك تزوجتها، واكتفيت بقسم صديقك لك أنه لم ير منها شيئا فى الليلة التى قضتها عنده.. إن هذا «التفكير الساذج» هو الذى جرّ عليك المتاعب التى تعانيها الآن، فانخرطت فى علاقات مشبوهة، وسرقت أموالا من عملك، وتعللت بأسباب واهية لتبرير أخطائك، وهذا أمر طبيعى، فكل خائن يختلق ألف عذر وعذر ليقنع نفسه بأنه يفعل الصواب، وقد وجدتها زوجتك فرصة لابتزازك، وسحب الأموال منك فى صورة هدايا، وإلا فضحتك أمام أهلك، بل إنها تمادت فى إهانة أمك، وهى متأكدة من أنك لن تحرك ساكنا ضدها لامتلاكها دليل إدانتك، وهكذا أمسكت بزمام الأمور، وراحت توجهك كيفما شاءت، بعد أن كانت منكسرة تماما، وتلح عليك فى الزواج منها.

 

لقد ارتكبتما المعاصى والذنوب بمختلف ألوانها، وحان الوقت لإصلاح ما فسد بينكما، فاجلس معها «جلسة مراجعة» لسجليكما، واعترفا بكل صراحة ووضوح بأن هناك أخطاء ارتكبتماها، ثم ابدآ صفحة جديدة، فمن ابتلى بشىء من المعاصى ثم تاب، يتوب الله عليه، ويبدل سيئاته حسنات، مهما يكن ذنبه، ومهما يعظم جرمه، لقوله تعالى : «وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا، يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا،إِلا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا» (الفرقان68– 70)، ومن إحسان الله على عبده أنه يستره، ولا يكشف أمره، ولهذا فإن من القبح أن يفضح الإنسان نفسه، كما أنك سترت زوجتك وتغاضيت عن كل أفعالها المثيرة للشكوك، وعليها هى الأخرى أن تصنع صنيعك معها، فتمزق الصور والرسائل التى ضبطتك فيها فى أوضاع غير لائقة، وهى أدرى بما فعلته من كانت على علاقة بهم قبل زواجكما، وربما فاقت أخطاؤها ما ارتكبته أنت من معاص، ومع ذلك صدقتها، وارتبطت بها، ولم تبال بأى كلام أو علامات كنت شاهدا على بعضها، وتؤكد أنها أخطأت كثيرا، فما الذى يجعلك لا تريد رؤيتها الآن، وترغب فى الانفصال عنها، لولا خوفك من تشرد ابنيكما؟.

 

الحقيقة أننى أعذر كل زوجة تبذل ما فى وسعها للحفاظ على زوجها، وتعمل على عدم انسياقه إلى علاقات مشبوهة، لكن العلاج الناجح الذى ينبغى أن تتبعه ليس بالطريقة التى تتبعها زوجتك بابتزازك ماليا، وتهديدك بالصور الموجودة بحوزتها، وانما بـ «التجاهل الإيجابى» فتبحث عن الأسباب، وتعالجها بذكاء، وتبدأ فى إصلاح أى خلل من جانبها قد يتسبب فى سلوكك غير السوى، فالخيانة الزوجية ـ فى أحيان كثيرة ـ تكون نوعا من رد الفعل، وهى ليست مرضاً كما يعتقد البعض، ففى أغلب الحالات يشعر الرجل بالإهمال من جانب زوجته، ويكون واعياً جداً لتصرفاته ومتمتعاً بكامل قواه النفسية والعقلية، ويجيد التخطيط لأمر الخيانة وإخفائها عن زوجته.

 

إن أى زوجة تعتبر «الخيانة العاطفية» كارثة، وتعاملها بنفس درجة «الخيانة الجسدية» مثل الإعجاب بأخرى، أو «الشات» مع أخريات عبر شبكة الانترنت، أو المحادثة التليفونية أو الرسائل القصيرة، وغيرها من الأشياء التى يبحث فيها الزوج عن المنقوص فى زوجته، والحل الأفضل هو المواجهة؛ لأن التجاهل يزيد الوضع سوءا، ويكون بمثابة ضوء أخضر وموافقة ضمنية على استمرار الزوج فى خيانته، ولكن مع إعطائه الثقة الكاملة، فإنه يعدل عن خيانته، وكم هو مؤلم جدًا أن تخون زوجتك حتى وإن كان ذلك خارجا عن إرادتك، أو أنها تستحق الخيانة لفرط قبح ما فيها، إذ تبقى الخيانة هى الرمح الذى يُدمى قلبك، كما أنها تُغيّر كل الأشياء بينكما، وتُفسد الصدق فى ارتباطكما، والعاقل هو الذى لا يهدم بيته فى لحظة «خطأ قابل للتصحيح»، ويعلم أن التسامح والعفو يجعلان القلوب أكثر حباً عما كانت عليه.

 

والإشكالية فى هذه القضية، هى أن النفس البشرية لا تستطيع تجاوز الأخطاء بسهولة، فما بالنا حينما يكتشف أحد الزوجين أن الذى يأكل ويشرب ويعيش معه فى بيت واحد «خائن»!.. فعلا إنه أمر قاس، فأعد على مسامعها حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل بنى آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون»، فمن طبيعة الإنسان، الوقوع فى الخطأ، ولكن لا مبرر للاستمرار فيه, بل إنه مأمور بتصحيح خطئه بالتوبة، وفى ذلك يقول الله عز وجل: «وَهُوَ الَّذِى يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ» (الشورى25)، فغالباً ما يكثر الوقوع فيما تميل إليه النفس من الشهوات المحرمة, ثم يألف المرء ذلك الذنب وقد يستصغره, وهذا هو مكمن الخطر، فالسيئات التى يُتهاون بها، ربما تكون أخطر عليه من الكبائر، فالبلاء يكون فى التهاون بالصغائر, لذلك حذّر منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إيّـاكـم ومحـقّرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه، كمثل قوم نزلوا أرض فلاة, فحضر صنيع القوم ــ أى طعامهم ــ فجعل الرجل ينطلق فيجىء بالعُود، والرجل يجىء بالعود، حتى جمعوا سواداً, فأججوا ناراً»، ولذلك فإن استصغار الإنسان ذنوبه يجعله لا يلقى لها بالاً فينساها, وقد لا يستغفر الله، ولا يتوب عنها، فيظل فى خطر عظيم إذا ظلّ مقيماً على هذا الذنب, وفى غفلة عما هو فيه، وهنا مكمن الخطر، حيث تتراكم عليه الذنوب فتهلكه, من حيث لا يشعر.

 

وعلى جانب آخر، فإن أخطاء زوجتك تجاه أمك ينبغى التوقف أمامها، ووضع حد لها، وعليك أن تبحث الأمر مع شقيقك فيما يتعلق بزوجته التى تحاول هى الأخرى إفشال العلاقة بين زوجتك وأمك، فالمكاشفة هى الطريق الأمثل الذى يساعد فى تصفية النفوس، وتهدئة الأوضاع، فإذا توصلتما إلى هذا الحل، لن تبقى هناك حدود فاصلة، وسوف تلتقون جميعا فى سلام واطمئنان، فسارعوا إلى اغتنام الفرصة فى هذا الشهر الكريم، وصححوا مساركم فى الحياة، وضعوا نصب أعينكم قول الله عز وجل: « وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (آل عمران133)، وافتحوا صفحة جديدة على هذا المنهج القويم، وعفا الله عما سلف.