السلطنة تحتفل بيوم المرأة العمانية (17) أكتوبر
مسقط، خاص:الصحافة اليوم
يعتبر رقم (17) من الأرقام التي تحمل دلالات متميزة في العلاقات بين مصر وسلطنة عُمان، ففي 17 أكتوبر ـ بعد غد ـ تحتفل سلطنة عُمان بيوم المرأة العُمانية وتتناول فعاليات هذا العام وسائل تمكين المرأة اقتصادياً واجتماعياً، وفي مصر تم تخصيص عام 2017 ليكون عاماً للمرأة المصرية، وتعد الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة 2030، وثيقة العمل للأعوام القادمة، بالتوازي مع استراتيجية مصر “للتنمية المستدامة 2030”.
فتقديرا لجهودها ودورها في بناء المجتمع العماني، خصص السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان يوم 17 أكتوبر من كل عام ليكون يوما للمرأة العمانية، والذي يتم تخصيص فعالياته هذا العام لمناقشة التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة.
وقد وضعت عُمان استراتيجية وطنية لتقدم المرأة وتمكينها مجتمعيا للمساهمة في التنمية الشاملة، عبر توفير فرص التعليم والتدريب للمرأة، ودعم دورها ومكانتها في المجتمع.
وأكد السلطان قابوس على ضرورة مشاركة المرأة العمانية في كافة مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والحضارية حيث قال: إنه بالمرأة فإن المجتمع (كالطائر الذي يحلق بجناحيه إلى آفاق السماوات، فكيف يكون حاله إذا كان أحد جناحيه مهيضة منكسرة).
ومن أجل تمكين المرأة اقتصادياً في مصر، تم توقيع مذكرة تفاهم بين المجلس القومي للمرأة والبنك المركزي المصري بهدف تنظيم التعاون بين الطرفين فيما يتعلق بدعم وتمكين المرأة المصرية اقتصاديا وماليا من أجل منحها فرص عادلة ليكون لها دورا انتاجيا وفعالا في المجتمع المصري، بما يضمن لها دخلا مناسبا تستطيع إدارته واستثماره أو ادخاره لرفع مستوى معيشتها.
وإدراكاً لمكانتها المحورية، بذلت مصر وسلطنة عُمان جهوداً لدعم وضع المرأة، اشتملت هذه الجهود على العديد من الإجراءات التي تستهدف تمكين المرأة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، إذ تم إنشاء مؤسسات خاصة لتحقيق هذا الهدف كما تم العمل من أجل القضاء على كافة مظاهر التمييز ضدها بالإضافة إلى تحقيق إصلاح تشريعي فيما يخص الأوضاع الخاصة بها ، فضلا عن اتخاذ إجراءات أخرى بهدف تغيير القيم والمفاهيم المجتمعية المؤثرة سلبا على المرأة وتفعيل دورها على المستوى الدولي والإقليمي.
للمرأة مكانة سياسية في مصر وعُمان
كان من قبيل الصدفة البحتة أن تشهد كل من مصر وسلطنة عُمان انتخابات مجلس النواب في الأولى وانتخابات مجلس الشورى لدورته الثامنة في الثانية خلال أكتوبر 2015، وجاءت الأجواء السياسية التي سبقت العملية الانتخابية متشابهة، فجاءت الانتخابات المصرية عقب ثورة 30 يونيو 2013 لتكتمل خريطة الطريق المصرية، وجاءت انتخابات مجلس الشورى العُماني لفترته الثامنة ( 2015ـ 2019 ) بعد حالة من الحراك السياسي غير المسبوق، والتي عاشتها البلاد منذ عام 2011 جنباً إلى جنب مع التطورات السياسية في دول الجوار.
وحققت المرأة في البرلمان المصري والعُماني الكثير من المكتسبات، ففي الانتخابات المصرية 2015 كانت المرأة ناخبة ومرشحة، هي محور معادلة الصراع والتنافس لصياغة مستقبل جديد لمصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيه وارتفعت مشاركة المرأة في البرلمان إلى 87 امرأة بينهن 73 نائبة منتخبة و14 نائبة معينة، لترتفع نسبة تمثيل المرأة المصرية في مجلس النواب إلى 16%، وهي أعلى نسبة تصل لها المرأة في تاريخ الحياة النيابية المصرية، لتسطر المرأة المصرية، ناخبة ومرشحة، تاريخاً جديداً في حياة المصريات، بتمكنها من تحقيق نجاح هو الأول، في مسيرتها نحو دخول البرلمان، فللمرة الأولى منذ ثورة يوليو 1953 تفوز المرأة بهذا العدد من المقاعد على النظام الفردي ودون نظام الكوته الذي تضمن تمييزاً إيجابياً للنساء.
كما حققت المرأة في سلطنة عُمان مكانة متقدمة في مجلس الشوري للفترة الثامنة والفترة السادسة لمجلس الدولة (غرفتا البرلمان العُماني) إذ عيّن سلطان عُمان قابوس بن سعيد 12 امرأة في عضوية مجلس الدولة للفترة السادسة 2016 – 2020 من بين 84 عضوا تم تعيينهم ، وبذلك بلغت نسبة المرأة في مجلس الدولة 18% .
المرأة في البرلمان المصري
يمكن القول أن الحياة البرلمانية للمرأة المصرية بدأت عام 1957حيث رشحت ست نساء أنفسهن للبرلمان فازت منهن اثنتان، وفي 17نوفمبر 1962صدرت القرارات الاشتراكية والتي نصت علي تمثيل المرأة بنسبة 5% من إجمالي أعضاء المؤتمر القومي للقوي الشعبية البالغ عددهم 1500عضو. ومع إعلان الاتحاد الاشتراكي في 4 يوليو 1964حرص النظام علي إشراك المرأة في العديد من هيئاته.
وتعتبر الفترة (1970-1986) الانطلاقة الجوهرية لعمل المرأة السياسي في مصر، حيث حصلت 1309إمرأة في مايو 1971علي عضوية الوحدات الأساسية للاتحاد الاشتراكي، وتقرر تكوين التنظيم النسائي للاتحاد الاشتراكي في 7سبتمبر 1975الأمر الذي خلق النواة الأساسية لمشاركة المرأة في المنابر الثلاثة التي قرر الرئيس “محمد أنور السادات” إنشائها عام 1976والتي تحولت إلي أحزاب سياسية وفقاً لقانون الأحزاب السياسية رقم (40) عام (1977).
وجاء تعديل قانون الانتخابات رقم 38لسنة 1972بالقانون رقم 21لسنة 1979بتخصيص ثلاثين مقعداً للنساء كحد أدني وبواقع مقعد علي الأقل لكل محافظة ولم يسمح هذا القانون للرجال بالتنافس علي هذه المقاعد في الوقت الذي سمح فيه للنساء بالتنافس مع الرجال علي باقي المقاعد الأخرى، الأمر الذي دفع نحو 200 امرأة للترشيح في انتخابات 1979وقد فازت ثلاثون منهن بالمقاعد المخصصة للنساء وبثلاث مقاعد أخري من المقاعد غير المخصصة لهن بالإضافة إلي ذلك، عين رئيس الجمهورية سيدتين ضمن قائمة العشرة أعضاء التي يحق لرئيس الجمهورية تعيينهم حسب الدستور، وبهذا أصبح إجمالي النائبات خمسا وثلاثين بنسبة 8 %من إجمالي الأعضاء.
وخلال الفترة (1986-2005) ورغم إلغاء تخصيص المقاعد للمرأة في مجلس الشعب، إلا أن نسبة تمثيلها ظلت مرتفعة نسبياً، والتي بلغت نحو 3.9% حيث ارتفع عدد النائبات في البرلمان إلي 18نائبة من إجمالي 456عضواً في مجلس1987 وذلك بسبب الأخذ بنظام القوائم الحزبية النسبية، وانتهي هذا الوضع بالعودة لتطبيق نظام الانتخاب الفردي، مما ترتب عليه تراجع نسبة تمثيل المرأة في المجالس المتعاقبة، كما شهدت تلك الفترة تضاعف نسب قيد المرأة في جداول الانتخاب من 18% عام 1986إلي 40% عام 2007.
وفي عام 2009 صدر القانون رقم 149لسنة 2009الخاص بزيادة عدد الدوائر البرلمانية وتخصيص مقاعدها للمرأة، وهو ما أسفر عن تخصيص 46 مقعداً للمرأة، مع الإبقاء علي إمكانية ترشحها للمقاعد العامة.
وفي انتخابات عام 2010 جاء قرار مجلس الشعب بتخصيص كوته للمرأة تصل إلي 64 مقعداً للمرأة، مع الإبقاء علي إمكانية ترشحها للمقاعد العامة، الأمر الذي أدى إلي إحداث انطلاقة كبيرة في مكانة المرأة سياسياً. ووصل تمثيل المرأة إلى 12.5 % في برلمان 2010.
وفي برلمان الثورة 2011 / 2012 ومع الأخذ بالنظامين الفردي والقوائم وعلى ثلاث مراحل، لم تفز أية امرأة على جميع المقاعد الفردية في المرحلة الأولى، وكان نصيب المرشحات على القوائم الحزبية هزيلا، فبينما لم يتجاوز عدد المرشحات بالمرحلة الأولى 376 مرشحة، فازت ثلاث فقط بثلاثة مقاعد على القوائم الحزبية. وفي المرحلة الثانية، فازت ثلاث مرشحات فقط من بين 328 مرشحة. أما في المرحلة الثالثة والأخيرة، والتي اختزل عدد المرشحات فيها إلى 280 مرشحة، فلم يتم الإعلان رسميا عن فوز أي منهن حتى جولة الإعادة.
والمثير في الأمر أن هذه النتائج المتواضعة لم تتناسب بأي حال مع الوجود الفعلي للمرأة في المجتمع المصري، والذى ينعكس بشكل لافت في ثقلها الديمغرافي حيث تمثل نسبة 50% تقريبا من إجمالي عدد السكان، و25% من قوة العمل، و49% من طلاب الجامعات و40% من مجموع الناخبين المسجلين في جداول الانتخابات.
المرأة في البرلمان العُماني
حظيت المرأة العُمانية باهتمام كبير من جانب السلطان قابوس منذ عام 1970انطلاقاً من قناعاته ببناء المواطن أولاً، وأنها تسهم بجانب الرجل في عملية التنمية ولذلك تم تقنين التشريعات القانونية التي كفلت لها الانخراط الى سوق العمل ومنحها المناصب الادارية والوزارية والتمثيل الرسمي.
ويتكون البرلمان في سلطنة عُمان” مجلس عُمان” من جناحين، الأول هو مجلس الشورى والثاني هو مجلس الدولة، وقد تمكنت المرأة العُمانية من ممارسة حقها في الانتخاب والترشح على قدم المساواة مع الرجل، وكان لها الريادة على صعيد دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بمشاركتها في عضوية مجلس الشورى منذ عام 1994 إذ لم يحظى المجلس بالحضور النسائي خلال فترته الاولى عام (1992-1994).
وفي الفترتين الثانية والثالثة في الأعوام (1995-1997) و (1998-2000) فازت أول امرأتان في عضوية مجلس الشورى وهما طيبة بنت محمد المعولي عن ولاية السيب وشكور بنت محمد الغماري عن ولاية مسقط. ومباشرة تم تعيين الأخيرة في عضوية مجلس الدولة بعد انتهاء فترتها في مجلس الشورى في عام 2000م. واستمر عضويتها في الفترة الثانية والثالثة والرابعة أي من عام 2000م وحتى 2011م . وشاركت المرأة العمانية بداية من الفترة الثالثة ولأول مرة كمرشحة في جميع ولآيات السلطنة بعد ان كانت مشاركتها تقتصر في الترشيح بالنسبة لولايات محافظة مسقط فقط.
كما فازت امرأتان بعضوية مجلس الشورى في الفترة الرابعة عام (2000-2003) إذ ارتفعت نسبة مشاركة المرأة لتصل الى 30% من مجموع المدعوين للترشيح واختيار ممثلي الولايات أي بزيادة ثلاثة امثال الذي شاركت به في الانتخابات السابقة. وقد تنافس في الانتخابات 540 مرشحاً بينهم 21 امرأة على 83 مقعداً.
وفي الفترة الخامسة (2004-2007) فازت نفس المرأتان بعضوية مجلس الشورى وهما لجينة بنت محسن بن حيدر درويش ممثلة عن ولاية مسقط ورحيلة بنت عامر بن سلطان الريامي ممثلة عن ولاية بوشر، ومباشرة بعد انتهاء المدة تم تعيين رحيلة الريامية في عضوية مجلس الدولة خلال الفترة الرابعة والخامسة أي منذ عام 2007 وحتى عام 2015 .
أما في الفترة السادسة (2007-2011) فقد شهدت غياب العنصر النسائي من عضوية الشورى رغم ما سجلته المرأة الناخبة من حضورا بارزا واقبال كبير لصناديق الاقتراع حيث لم تنجح ولا امرأة واحدة بحصد الأصوات الكافية لفوزها رغم ترشح 21 امرأة من بين 717 مترشحا يمثلون 61 ولاية في جميع ارجاء السلطنة.
وفي انتخابات الفترة السابعة ( 2011 ـ 2015) بلغ عدد المرشحين 1133 مرشحاً بينهم 77 امرأة للفوز بعضوية المجلس، ورغم ذلك نجحت امرأة واحدة فقط في الفوز بمقعد في عضوية المجلس وهي نعمه بنت جميل البوسعيدية.
وفي الفترة الثامنة (2015 ـ 2019) فازت امرأة واحدة وهي نعمة البوسعيدي من بين (20) امرأة دخلن الانتخابات مقابل نحو 600 مرشح.
أما الجناح الثاني للبرلمان في سلطنة عُمان فهو مجلس الدولة وكان للمرأة العُمانية حضوراً في هذا المجلس، حيث بلغت نسبة المشاركة النسوية في الفترة التأسيسية الاولى للمجلس عام (1997 – 2000) نحو (10%) مقارنة بمجموع الرجال وهو (41) عضوا مقابل (4) نساء.
أما في الفترة الثانية (2000 – 2003) برغم ارتفاع عدد أعضاء المجلس الى (54) عضوا وزيادة عدد النساء الى (5) عضوات لكنها شهدت تراجعاً طفيفاً في نسبة مشاركتها الى (9%) مقابل زيادة عدد الأعضاء الذكور الى (49) عضوا.
وشهدت الفترة الثالثة (2003 ـ 2007) ارتفاعاً طفيفاً في تمثيل المرأة بالمجلس الذي زاد عددهن الى (9) نساء وبنسبة (15%) مقابل (51) رجل من بين العدد الاجمالي وهو (60) عضوا.
أما أعلى ارتفاع شهده المجلس في تمثيل المرأة فكان في الفترة الرابعة (2007 – 2011) بنسبة (20%) ويرجع ذلك كردة فعل من الحكومة بعدما فشلت المرأة العُمانية في الفوز بمقعد لها في عضوية مجلس الشورى ولتعويض تلك الخسارة فقد قام السلطان قابوس بن سعيد بتعيين (14) امرأة في عضوية مجلس الدولة من ضمن (71) عضوا .
أما بالنسبة للفترة الخامسة (2011 ـ 2015) فقد ارتفع إجمالي أعضاء المجلس الى (83) عضوا وتم تعيين (15) امرأة بنسبة 18% مقابل (68) رجل .
ولم يقتصر دور المرأة في كل من مصر وسلطنة عُمان على المشاركة في البرلمان، بل باتت المرأة وزيرة وسفيرة، وهو ما يعكس الحرص على تمكين المرأة اقتصادياً وسياسياً، وتنامي دورها في الحياة العامة وتزايد معدل مشاركتها في المواقع التنفيذية والجهاز الإداري للدولة.