Home فنون عروس النيل تتألق من جديد مهرجان المنصورة المسرحى
0

عروس النيل تتألق من جديد مهرجان المنصورة المسرحى

عروس النيل تتألق من جديد مهرجان المنصورة المسرحى
0



كتب د / خالد البغداد
( مصر.. تاريخ طويل من الدهشة ..!!)
هذا ما أكده جاك لانج وزير الثقافة الفرنسى الأسبق مؤكدا على أهمية المشروع الحضارى المصرى الذى هو بالأساس مشروع ثقافى ، ففى مجال الحضارة والفنون والتراث مصر دولة عظمى . فالاسهام المصرى فى الحضارة الإنسانية لا يمكن انكاره ، فمصر هى الأصل وهى البداية لكل شىء .. فنحن هنا قبل ان يكون هنا أحد ..!!
واذا كان المسرح هو أبو الفنون فقد ظهرت البدايات الفعلية والحقيقية له فى مصر القديمة ، حيث كانت تمتلأ ساحات المعابد بالطقوس والعروض الفنية فى المناسبات الدينية والإجتماعية والسياسية مثل موسم الفيضان، والإستعداد للحروب والإنتصارات ، وذكرى تتويج الملوك .. الخ ، ولازالت جداريات المعابد شاهدا على ذلك حيث كانت تعزف الموسيقى وتقدم الرقصات ويلون الممثلون وجوههم ، ويرتدون ملابس مغايرة ومختلفة حسب مناسبة العرض …الخ

المنصورة : ذاكرة المكان
( المنصورة هى المصنع الدائم للعبقرية المصرية ..!!)
هذا ما كان يؤكده دائما الكاتب الكبير ابن المنصورة أنيس منصور الذى كان يشير باستمرار لخصوصية هذا المكان الذى أنجب معظم عظماء مصر فى مختلف المجالات . فمن الغنى عن البيان أن أهم وأشهر الأسماء فى كل مجالات أو تخصصات الحياة الثقافية / والفنية / والسياسية … الخ من مدينة المنصورة وما حولها ، مثل كوكب الشرق المطربة أم كلثوم ، وسيدة الشاشة فاتن حمامة ، والنحات محمود مختار ، والفنان عادل امام والموسيقار رياض السنباطى ..الخ
مما يشير بوضوح لأهمية وخصوصية هذا المكان حيث يبدو ان للأماكن ذاكرة – مثل الأفراد تماما – وذاكرة هذه المدينة تشع بكثير من الأسماء ، وقد تساءل الجميع عن سر هذا المكان .. هل السر فى نهر النيل الذى يخترق المدينة وما يمنحه لأهلها من هدوء واستقرار نفسى ، أم هل يكمن السر فى الثقافة الكزموبولتانية التى تكونت خصوصا مع احتضان المدينة للعديد من الجنسيات والجاليات الأوربية مثل اليونانيون والأرمن وغيرهم ، ولازال بعض المؤسسات الثقافية والاقتصادية لتلك الجاليات موجوده حتى الآن مثل ( النادى اليونانى) وكافيه ( أندريا) وحلوانى (راندبللو) .. الخ
مما أكسب أهلها ثقافة التسامح وتقبل الآخر خصوصا مع توافق الأفق الثقافى مع الأفق الجغرافى وتفاعل مع الزخم الاجتماعى والفنى ، مما أوجد أفق مفتوح للتلقى وأنشأ حالة من الإستقرار النفسى والإجتماعى منفتحة على كل ثقافات العالم ..!!

مهرجان المنصورة المسرحى
ولأن مدينة المنصورة تستحق الأفضل دائما نجد بها كل الامكانيات التى تؤهلها لتكون ( عاصمة مصر الثقافية) حيث تحتضن المنصورة العديد من المؤسسات الثقافية والفنية النوعية مثل الفرع الاقليمى ( لاتحاد الكتاب) وأيضا الفرع الوحيد خارج القاهرة لنقابة ( الفنانين التشكيليين) كما يوجد ( أتيليه المنصورة) وهو الفرع الوحيد بعد أتيليه القاهرة والإسكندرية ..الخ
لذا كانت الساحة فى حاجة فقط الى اليد التى توصل كل هذه المفردات ببعضها البعض ، وفى هذا السياق نستطيع أن نتفهم الأهمية الثقافية الحتمية لمهرجان المنصورة المسرحى الاقليمى الذى جاء بمثابة طوق النجاة للحركة الثقافية والفنية فى محافظة الدقهلية ، حيث جاء فى التوقيت المناسب ليعيد لعروسة النيل ألقها من جديد ، ويضعها على خريطة الثقافة المصرية والعالمية.
حيث آمن بالفكرة المخرج أحمد عبدالجليل والفنانة ايمان أبو الغيط اللذان عملا معا بكل جهد لتحقيق هذه الفكرة التى وجدت كل الدعم والمساندة من المحافظ المستنير الدكتور أيمن مختار والعديد من القامات الثقافية والفنية التى تؤمن بأهمية الفن وقدرته على التغيير .
هذا المهرجان الذى عمل على تحريك المياه الراكده وأعطى الفرصة لفنانين المنصورة لتقديم مواهبهم فى كافة مجالات الابداع ، حيث يتم منح العديد من الجوائز فى مجال التمثيل / والاخراج / والديكور / والإضاءة / والتأليف / والموسيقى / والشعر … الخ . كما اعطى المهرجان الفرصة لفنانين المنصورة بالمشاركة والإحتكاك مع فنانى الدول العربية خصوصا مع وجود مشاركة فاعلة من العديد من الدول العربية مثل ليبيا / والجزائر / لبنان / الأردن / الكويت
ومع مشاركة فاعلة من نقيب الفنانين الدكتور أشرف زكى والعديد من الأسماء الهامة فى الحركة الثقافية والفنية مثل الفنان أحمد وفيق ابن المنصورة والفنان محمد صبحى الذى كان ضيف شرف الدورة الاولى ، والمؤلف مدحت العدل .. وغيرهم .
مما سيقلى بمزيد من الضوء والدعاية الايجابية على فنانين المنصورة وعن الحالة الابداعية فى هذا الاقليم الثقافى ، وما به من مواهب وقدرات فنية وفكرية لم تأخذ فرصتها الحقيقة بعد .

المسابقة المسرحية المحلية
ومن أهم فاعليات المهرجان هذا العام هو وجود مسابقتان متكاملتان للتنافس المسرحى ، مسابقة للمسرح المحلى ومسابقة للمسرح الاقليمى ، وقد كان لى شرف المشاركة هذا العام فى لجنة ( تحكيم المسابقة المحلية) والتى شهدت العديد من العروض المسرحية المتميزة لمجموعة من الفرق المسرحية للهواة والشباب وطلاب الجامعات.
وهو ما مثل حالة من الزخم الفنى والثقافى ساهمت فى تنشيط الحالة الفنية والابداعية لدى كافة المهتمين والمبدعين فى كافة مجالات الفنون المختلفة ، وقد شارك فى هذه اللجنة مجموعة متميزة ومتنوعة من القامات الفنية والفكرية منهم الكاتب والناقد الدكتور شريف صالح والمخرج أحمد العموشى والمخرجة الفنانة شيماء عذت والموسيقى محمد السعيد
وأؤكد أن استمرار زخم هذه المسابقة والمشاركة الفاعلة فى هذا المهرجان ستؤتى ثمارها قريبا عندما يتم صقل هذه المواهب وبلورتها ومنحها الفرصة للتألق .. عندها سيعلم الجميع أن الرهان على الفنون هو الرهان الحقيقى دائما..!!